اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 327
سنته المستمرة من تعقيب الوعيد بالوعد وبالعكس إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله وأيقنوا بتوحيده وَمع ذلك قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ المأمورة من عنده لإصلاح أحوالهم يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ الى فضاء وحدته بِإِيمانِهِمْ وبسبب يقينهم العلمي تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ اى جداول المعارف والحقائق المنتشئة من بحر الوحدة الذاتية منصبغة باليقين العيني والحقي فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ يعنى هم متمكنون مخلدون في مستلذاتهم الروحانية ابد الآباد
دَعْواهُمْ ومناجاتهم مع ربهم وحاجاتهم معه فِيها بعد ما انقطعوا عن السلوك والتكميل سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا مولانا انما حسب ما علمتنا بمقتضى فضلك وجودك ننزهك تنزيها بليغا ونقدسك تقديسا كاملا عن عموم ما لا يليق بجناب قدسك وَتَحِيَّتُهُمْ اى ترحيب بعض ارباب الدرجات على بعض مع تفاوت مقاماتهم ومراتبهم فِيها سَلامٌ وتسليم لتحققهم بمقام الرضا ومقعد الصدق والتسليم وَآخِرُ دَعْواهُمْ بعد وصولهم الى غاية مأمولهم الذي هم جبلوا لأجله أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ والمنة والثناء لله المنعم المتفضل رَبِّ الْعالَمِينَ الذي رباهم بأنواع اللطف والكرم تفضلا منه سبحانه وامتنانا.
ثم قال سبحانه حثا لعباده الى الرجوع والتوجه نحوه وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ المدبر لأمور عباده لِلنَّاسِ الشَّرَّ حين استعجلوه منه سبحانه لغرض من الأغراض او استحقوا له بعمل من الأعمال اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ كاستعجال الخير لهم حين طلبوا ودعوا لأجله او اعطاهم تفضلا منه إياهم لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ يعنى قد انقرض مدة حياتهم البتة بحلول أجلهم المقدر المعهود حين دعائهم واستحقاقهم ولكن قد امهلناهم رجاء ان يستغفر منهم من يستغفر وبالجملة فَنَذَرُ ونترك المصرين الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ورضوا بالحياة الدنيا واقتصروا عليها وأنكروا يوم البعث والجزاء فِي طُغْيانِهِمْ المتجاوز عن الحد يَعْمَهُونَ ويترددون زمانا امهالا وتهويلا لعذابهم
وَمن شدة عمههم وطغيانهم إِذا مَسَّ وعرض الْإِنْسانَ الضُّرُّ اى ما يضره من مضر مؤلم ومصيبة مفجعة مفزعة دَعانا مشتكيا إلينا مقترحا ملحا باثا شكواه عندنا ملقيا لِجَنْبِهِ ان لم يقدر على غيره من الأوضاع أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً ان قدر متضرعا متفجعا مستكشفا فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ وعجلنا له مراده مَرَّ وتجاوز عنا وتباعد من أمرنا ولم يلتفت الى حكمنا أصلا بل صار من شدة عمهه وغفلته كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا قط إِلى كشف ضُرٍّ قد مَسَّهُ وبالجملة كَذلِكَ اى مثل ما سمعت يا أكمل الرسل قد زُيِّنَ اى حبب وحسن لِلْمُسْرِفِينَ المنهمكين في الغي والضلال ما كانُوا يَعْمَلُونَ من مخالفة امر الله ومخاصمة رسوله والمؤمنين المتابعين له والإصرار على ما هم عليه من العتو والعناد.
ثم قال سبحانه مهددا مقسما وَالله يا اهل مكة لَقَدْ أَهْلَكْنَا حسب قهرنا وجلالنا الْقُرُونَ الماضية مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا اى حين ظلموا مثل ظلمكم وخرجوا عن طاعة الله واقامة حدوده مثل خروجكم وَهم ايضا أمثالكم إذ قد جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالبراهين القاطعة والحجج الساطعة الدالة على صدقهم انما جاءوهم ليمتنعوا عماهم عليه من الظلم والعناد وَهم ما كانُوا اى أولئك الأمم لِيُؤْمِنُوا لرسلهم وأنبيائهم وما يصدقوهم فيما جاءوا به أمثالكم بل قد كذبوهم أمثالكم وأصروا على ما هم عليه بل زادوا عليه عنادا ومكابرة فأخذناهم بظلمهم وأهلكناهم بإصرارهم بعد ما نبهنا عليهم فلم ينتبهوا وبالجملة كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ المصرين على الجرائم مع ورود الزواجر والروادع
ثُمَّ بعد إهلاكهم واستئصالهم قد
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 327